فضائل مصر المحروسة
فضل الله بعض الشهور على بعض وبعض الأيام على بعض وبعض الليالي على بعض وبعض المساجد على بعض، فقد فضل الله مصر على غيرها من البلدان، عدا مكة، وإن كان فضل الحرمين كبيرا جدا، فهذا لا يقلل من شأن مصر في القرآن ولا في السنة النبوية.
وهذه ليست نزعة عنصرية لبلد معين، بل إن هذه خطبة دينية بحتة، فقد أثنى الله على مصر في القرآن ووصى النبي بالمصريين، وهذا لم يحدث لدولة كالهند مثلا أو باكستان، أو أي دولة أوربية.
أول هذه الحقائق التي ينبغي أن نعيها أن مصر:
بلد الخيرات 1) : افتخر فرعون بملكه لمصر، وأثبت الله أن في مصر خيرات كثيرة، قال تعالى:"{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الزخرف51، فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ، وقال تعالى في سورة الشعراء: "فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{57} وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{58}، أي فأخرج الله فرعون وقومه من أرض "مصر" ذات البساتين وعيون الماء، وخزائن المال والمنازل الحسان، وقال تعالى متحدثا عن الفضائل والنعم التي حباها الله مصر في سورة الدخان: "كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ{27}وكم هذه للتكثير، كم تركوا من بساتين وعيون للماء وزروع كثيرة ومنازل حسان كالقصور، ونعمة كانوا مترفين مرفهين فيها"، فهل وصف الله بلدة من البلدان بهذه النعم الكثيرة. وبها من الخير ما يكفي لإطعام الأرض كلها، روى أبو بصرة الغفاري قال: مصر خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها،ووصف الله مصر بكونها مبوأ صدق، كما في الآية: "ولقد بوأنا إبراهيم مبوأ صدق"، وأخبرنا أنها أرض مباركة، كما في الآية الأخرى: "وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها"، وقال الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام،" قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " .ولم تكن تلك الخزائن بغير مصر، فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض، طبعا يتبادر سؤال لذهنك هو: لماذا تعيش مصر في هذا الفقر المصقع؟ السبب منك أنت ليس من أي أحد آخر، لأنه لما قال فرعون أليس لي ملك مصر؟ قالوا تمام ياباشا، ولما قال وهذه الأنهار تجري من تحتي؟ قالوا اللي تشوفه حضرتك، ولما قال أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين، قالوا كل اللي تقوله صح، وقال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، فانظر كيف يستخف عقول قومه، وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يفرق دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد، فانظر إلى فرعون وحرصه على مصالح شعبه العليا والسلام الاجتماعي والتنمية واستتباب الأمن، حتى قال في النهاية أنا ربكم الأعلى، لأنه لم يجد من يتصدى له ويقول له اخسأ ياعدو الله ولهذا وصف الله شعب مصر بهذا الوصف: فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين، ولو كان اعترض ولو واحد على ما قاله فرعون لذكره الله كما ذكر الذي آمن من قوم فرعون يكتم إيمانه.
ثم نعود فنستكمل فضائل مصر
جعل الله جوها معتدلا وهواؤها نقيا وتتوسط الكرة الأرضية فهي بين آسيا وشمال أفريقيا، فليست هي ببلاد الطقس البارد والثلوج كروسيا وأوربا، ولا هي ببلاد الحر الشديد كالحجاز وأفريقيا، وهي منبت لجميع الثمار وأرضها خصبة لجميع الزروع، وكانت تسمى ببقرة الخلافة، أي إنها كانت تدر على دولة الخلافة في المدينة الكثير من الخير لما حدث بها جدب.
وقال سعيد بن أبي هلال: مصر أم البلاد، وغوث العباد. وذكر أن مصر مصورة في كتب الأوائل، وسائر المدن مادة أيديها إليها تستطعمها.
وقال عمرو بن العاص: ولاية مصر جامعة، تعدل الخلافة، وقد جباها في أول سنة عشرة ملايين دينار وقد كانت تجبي قبل ذلك للروم عشرين مليون دينارا، فانظر كيف أتى الإسلام بالرحمة لأهل مصر.
ويكفي أن الله حباها بنهر من أنهار الجنة كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام عندما قال سيحان وجيجان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة" ويكفي عذوبة مائه وجمال منظره، واستخدامه في السفر والتنقل ونقل البضائع والسلع وتوليد الكهرباء وهناك بحيرة ناصر من أعظم الثروات السمكية في العالم، وغيرنا قد يضطر إلى تكرير مياه الصرف الصحي ليعيد استعمالها مرة أخرى، فلله الحمد والمنة.
وقيل إن نيل مصر معادلا لأنهار الدنيا ومياهها، فحين يبتدئ في الزيادة تنقص كلها لمادته، وحين ينقص تمتلئ كلها
وعن كعب الأحبار أنه قال: من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة، فلينظر إلى مصر إذا أخرفت وأزهرت، وإذا اطردت أنهارها، وتدلت ثمارها، وفاض خيرها، وغنت طيرها.
وأجمع أهل العلم أنه ليس في الدنيا نهر أطول مدى من النيل، يسير مسيرة شهر في بلاد الإسلام –مصر- وشهرين في بلاد النوبة-السودان- وأربعة أشهر في الخراب حيث لا عمارة،-إفريقيا- حيث لم يكن يوجد بها عمران- .وليس في الدنيا نهر يصب من الجنوب إلى الشمال إلا هو وليس نهر يصب في بحر الروم غير نيل مصر. وليس في الدنيا نهر يزيد ويمد في أشد ما يكون من الحر حين تنقص أنهار الدنيا وعيونها غير نيل مصر، وكلما زاد الحر كان أقوى لزيادته، وليس في الدنيا نهر يزيد بترتيب غير نيل مصر.
وليس في الدنيا نهر يزرع عليه ما يزرع على نيل مصر، ولا يجبي من خراج نهر من أنهار الدنيا ما يجبي من خراج النيل.
وعن عبد الله بن عمرو قال: من أراد أن ينظر إلى الفردوس فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها، ويزهر ربيعها، وتكسى بالنوار أشجارها وتغنى أطيارها.
وذكر أنه صورت للرشيد صورة الدنيا فما استحسن منها غير بلد أسيوط، وذلك أن مساحته ثلاثون ألف فدان في دست واحد، لو قطرت قطرة فاضت على جميع جوانبه، ويزرع فيه الكتان والقمح والقرط وسائر أصناف الغلات فلا يكون على وجه الأرض بساط أعجب منه، ويسايره من جانبه الغربي جبل أبيض على صورة الطيلسان، كأنه قرنان، ويحف به من جانبه الشرقي النيل، كأنه جدول فضة، لا يسمع فيه الكلام من شدة أصوات الطير.
وأجمع أهل المعرفة: أن أهل الدنيا مضطرون إلى مصر يسافرون إليها، ويطلبون الرزق بها، وأهلها لا يطلبون الرزق في غيرها، ولا يسافرون إلى بلد سواها، حتى لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا لغني أهلها بما فيها عن سائر بلاد الدنيا.
ويكفي أن في مصر قناة السويس التي تربط قارة أوربا بقارة أفريقيا وآسيا، بدلا من الالتفاف عبر قارة إفريقيا للعبور من مضيق جبل طارق فيعبر من قناة السويس السفن المحملة بالبضائع النافعة والأدوية (والأسلحة النووية لإسرائيل والقطع البحرية الأمريكية وحاملات الطائرات لدك المسلمين في العراق وفلسطين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا غير أن الله وصف بعض الأماكن في مصر بالمدينة، قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: "ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها" وقال تعالى: "وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى"، وقال تعالى أيضا:" وقال نسوة في المدينة" فقد وصف الله بعض الأماكن في مصر بالمدينة، ولا يخفى على عاقل معنى كلمة مدينة مقارنة بوصف الشام بالبدو، قال تعالى على لسان يوصف عليه السلام: "وجاء بكم من البدو" فقد وصف الشام بالبدو ومصر بالمدينة، وفي هذا مالا يخفى على عاقل من تكريم لذكر مصر، بل ذكر الله المدينة بالجمع فكان بها أكثر من مدينة قال تعالى: " {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ }الشعراء5ذ اي5ذ - (فأرسل فرعون) حين أخبر بسيرهم (في المدائن) قيل كان له ألف مدينة واثنا عشر ألف قرية (حاشرين) جامعين الجيش قائلا، وفي كل مدينة منها آثار عجيبة من الأبنية والصخور والرخام والبرابي، وتلك المدن كلها تأتي من السفن تحمل الطعام والمتاع والآلات إلى الفسطاط تحمل السفينة الواحدة ما يحمله خمسمائة بعير
بلد العلم 2) ومصر حتى قبل الإسلام فمن الأسماء اللامعة في نجوم الرياضيات والفلك والطب والفلسفة والمنطق وغيرها من العلوم: الإسكندر ذو القرنين، الذي تلا الله قصته في القرآن الكريم، ومنهم فيثاغورث وسقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وأرشيمدس في الهندسة وجالينوس في الطبيعة. حتى إنها كانت وما زالت تعلم وترسل بعثاتها إلى الخليج العربي لتعليم كافة العلوم والفنون، في الأدب والفقه والشريعة والحديث والقرآن وغيرها من العلوم.
.
وقطن مصر هو أجود أنواع القطن في العالم، ولكن للأسف ليس للمصريين وإنما للخارج، المصريون لهم الضرائب والجبايات فقط، والذي يتمتع بخير مصر هم السياح والمستثمرون الأجانب والمسؤولين فقط، أما شعب مصر فليس له إلا الفتات.
أرسل لي أحد الأصدقاء قميصا من الولايات المتحدة الأمريكية هدية فلما نظرت فيه من الخلف وجدته مصنوعا في مصر 100% قطن، سبحان الله أنشتري أفضل الملابس من أمريكا فندرك أنها مصرية، والمصريون يرتدون البلاستيك والبوليستر؟؟؟
وشعبها صبور يصبر على جلاديه كثيرا، وقد استوقفني في رسالة عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يصف له فيها مصر بقوله:" ثم تنتشر فيه أمة محقورة، قد رزقوا على أرضهم جلداً وقوة، لغيرهم ما سعوا به من كدهم بلا حمد ينالهم من ذلك"
ذ) منزل للوحي والأنبياء والأماكن المقدسة ، فمصر مليئة بالأماكن المقدسة ومهبط لكثير من الأنبياء، ففيها سيناء التي ذكرها الله في القرآن أكثر من مرة، قال تعالى: " {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ }المؤمنون20أي وأنشأنا لكم به شجرة الزيتون التي تخرج حول جبل طور "سيناء", يعصر منها الزيت, فيدَّهن ويؤتدم به.وأقسم بجبل الطور فقال تعالى: "والطور وكتاب مسطور"، وقال أيضا: "وطور سينين" أي وطور سيناء، وواعد الله موسى عليه السلام من جانب الطور الأيمن لإنزال التوراة عليه هناك، قال تعالى: " {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى }طه80، ونادى الله موسى عليه السلام من نفس المكان وقربه إليه، قال تعالى: " {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً }مريم52، وفي هذا تشريف عظيم للطور، بل سمى الله الوادي الذي كلم عليه موسى المقدس (طوى قال تعالى: " {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى }طه12أي إني أنا ربك فاخلع نعليك, إنك الآن بوادي "طوى" الذي باركته, وذلك استعدادًا لمناجاة ربه. وعن عياش بن عباس أن كعب الأحبار سأل رجلا يريد السفر إلى مصر، فقال له: أهد لي تربة من سفح مقطمها، فأتاه منه بجراب، فلما حضرت كعباً الوفاة أمر به ففرش في لحده تحت جنبه، ولما عصى بنوا إسرائيل ربهم رفع فوقهم الطور كأنه ظلة عليهم وظنوا أنه واقع بهم، قال تعالى: "ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم"، وقال تعالى: "وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة"
وفيها نشأ وترعرع سيدنا موسى وهارون ويوشع بن نون، وهو من الأنبياء وربما كان هو اليسع، ويوشع هذا قيل أنه فتى موسى عليه السلام في قصته مع الخضر، الذي ذكره الله في قوله تعالى: "وإذ قال موسى لفتاه" عليه السلام، وزارها إبراهيم، ، وعاش فيها سيدنا يوسف وزارها سيدنا يعقوب عليه السلام وأولاده الاثنا عشر سبطا وقبط مصر مجمعين على أن عيسى وأمه عليهما السلام سكنا مصر، وبعض المفسرين أول قوله تعالى: "وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين" أنها مصر، ومكث بها إسماعيل عليه السلام في طفولته .
وممن دخلها من الصحابة: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر وعمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم
وممن كان بها من الفقهاء والعلماء والليث بن سعد والعز ابن عبد السلام والإمام الشافعي وابن تيمية وابن حجر العسقلاني والإمام الشاطبي وولد بها عمر ابن عبد العزيز وجعفر المتوكل على الله من الخلفاء.
ومن أهل مصر من أثنى الله عليه كالرجل المؤمن الذي يكتم إيمانه قال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، ومنهم السحرة المصريون الذين آمنوا بموسى عليه السلام بمجرد أن رأوا المعجزة، فأثنى الله عليهم وعلى حسن توكلهم على الله لما قال لهم فرعون لأصلبنكم في جذوع النخل، قالوا فاقض ما أنت قاض، وقالوا: "لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون، وروي أنه لم يفتتن واحد منهم بعبادة العجل كما افتتن به بنوا إسرائيل، وكانوا أحسن دينا وإسلاما من بني إسرائيل من اليهود الأصليين، وكان عدد السحرة كما يقول البعض 12 لكل واحد 20 عريفا وتحت كل عريف ألف من السحرة فكان عددهم كبير جدا.
وقال أحمد بن صالح: قال لي سفيان بن عيينة: يا مصري، أين تسكن؟ قلت: أسكن الفسطاط، قال: أتأتي الإسكندرية؟ قلت: نعم، قال لي: تلك كنانة الله يحمل فيها خير سهامه
4) بلد الأمان : "{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً"أي وأوحينا إلى موسى وأخيه هارون أن اتخذا لقومكما بيوتًا في "مصر" تكون مساكن وملاجئ تعتصمون بها, وقال تعالى {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ }يوسف99
بوب الإمام مسلم في صحيحه
بَاب وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ مِصْرَ
عن أبي ذر رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا قَالَ فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا" أما الرحم فهي واضحة في أن أم العرب هي هاجر عليها السلام زوج إبراهيم عليه السلام فهي أم إسماعيل ولهذا قال أبو هريرة عن هاجر: "فتلك أمكم يابني ماء السماء" وقد سماهم بهذا لأنهم يتنقلون حيث يتنقل المطر، وأما الذمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم تسرى من القبط مارية القبطية، وبهذا صار العرب جميعا أصلهم من مصر، لأن أمهم من مصر لأنها أم إسماعيل وهو أبو العرب، ولهذا يقال إن مصر أم الدنيا"
وقال يحيى بن سعيد: جلت البلاد فما رأيت الورع ببلد من البلدان أعرفه إلا بالمدينة وبمصر. وقال خالد بن يزيد: كان كعب الأحبار يقول: لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر؛ فقيل: ولم ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: إني لأحب مصر وأهلها؛ لأنها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه.
إضافة إلى أنها مقبرة الغزاة فما مكث فيها احتلال لمدة طويلة، ويتميز أهلها بقتال المعتدين والمحتلين فما مكث بها الهكسوس، ولا التتار وكانت ترسل المجاهدين لمقاومة الحملات الصليبية ولا الاحتلال الإسرائيلي الغاشم ولا العدوان الثلاثي ولا الحملة الفرنسية ولا الاستعمار البريطاني، وإن شاء الله سينطلق منها الجيش الذي سيحرر فلسطين.
فضل الله بعض الشهور على بعض وبعض الأيام على بعض وبعض الليالي على بعض وبعض المساجد على بعض، فقد فضل الله مصر على غيرها من البلدان، عدا مكة، وإن كان فضل الحرمين كبيرا جدا، فهذا لا يقلل من شأن مصر في القرآن ولا في السنة النبوية.
وهذه ليست نزعة عنصرية لبلد معين، بل إن هذه خطبة دينية بحتة، فقد أثنى الله على مصر في القرآن ووصى النبي بالمصريين، وهذا لم يحدث لدولة كالهند مثلا أو باكستان، أو أي دولة أوربية.
أول هذه الحقائق التي ينبغي أن نعيها أن مصر:
بلد الخيرات 1) : افتخر فرعون بملكه لمصر، وأثبت الله أن في مصر خيرات كثيرة، قال تعالى:"{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الزخرف51، فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ، وقال تعالى في سورة الشعراء: "فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{57} وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{58}، أي فأخرج الله فرعون وقومه من أرض "مصر" ذات البساتين وعيون الماء، وخزائن المال والمنازل الحسان، وقال تعالى متحدثا عن الفضائل والنعم التي حباها الله مصر في سورة الدخان: "كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ{27}وكم هذه للتكثير، كم تركوا من بساتين وعيون للماء وزروع كثيرة ومنازل حسان كالقصور، ونعمة كانوا مترفين مرفهين فيها"، فهل وصف الله بلدة من البلدان بهذه النعم الكثيرة. وبها من الخير ما يكفي لإطعام الأرض كلها، روى أبو بصرة الغفاري قال: مصر خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها،ووصف الله مصر بكونها مبوأ صدق، كما في الآية: "ولقد بوأنا إبراهيم مبوأ صدق"، وأخبرنا أنها أرض مباركة، كما في الآية الأخرى: "وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها"، وقال الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام،" قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " .ولم تكن تلك الخزائن بغير مصر، فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض، طبعا يتبادر سؤال لذهنك هو: لماذا تعيش مصر في هذا الفقر المصقع؟ السبب منك أنت ليس من أي أحد آخر، لأنه لما قال فرعون أليس لي ملك مصر؟ قالوا تمام ياباشا، ولما قال وهذه الأنهار تجري من تحتي؟ قالوا اللي تشوفه حضرتك، ولما قال أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين، قالوا كل اللي تقوله صح، وقال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، فانظر كيف يستخف عقول قومه، وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يفرق دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد، فانظر إلى فرعون وحرصه على مصالح شعبه العليا والسلام الاجتماعي والتنمية واستتباب الأمن، حتى قال في النهاية أنا ربكم الأعلى، لأنه لم يجد من يتصدى له ويقول له اخسأ ياعدو الله ولهذا وصف الله شعب مصر بهذا الوصف: فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين، ولو كان اعترض ولو واحد على ما قاله فرعون لذكره الله كما ذكر الذي آمن من قوم فرعون يكتم إيمانه.
ثم نعود فنستكمل فضائل مصر
جعل الله جوها معتدلا وهواؤها نقيا وتتوسط الكرة الأرضية فهي بين آسيا وشمال أفريقيا، فليست هي ببلاد الطقس البارد والثلوج كروسيا وأوربا، ولا هي ببلاد الحر الشديد كالحجاز وأفريقيا، وهي منبت لجميع الثمار وأرضها خصبة لجميع الزروع، وكانت تسمى ببقرة الخلافة، أي إنها كانت تدر على دولة الخلافة في المدينة الكثير من الخير لما حدث بها جدب.
وقال سعيد بن أبي هلال: مصر أم البلاد، وغوث العباد. وذكر أن مصر مصورة في كتب الأوائل، وسائر المدن مادة أيديها إليها تستطعمها.
وقال عمرو بن العاص: ولاية مصر جامعة، تعدل الخلافة، وقد جباها في أول سنة عشرة ملايين دينار وقد كانت تجبي قبل ذلك للروم عشرين مليون دينارا، فانظر كيف أتى الإسلام بالرحمة لأهل مصر.
ويكفي أن الله حباها بنهر من أنهار الجنة كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام عندما قال سيحان وجيجان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة" ويكفي عذوبة مائه وجمال منظره، واستخدامه في السفر والتنقل ونقل البضائع والسلع وتوليد الكهرباء وهناك بحيرة ناصر من أعظم الثروات السمكية في العالم، وغيرنا قد يضطر إلى تكرير مياه الصرف الصحي ليعيد استعمالها مرة أخرى، فلله الحمد والمنة.
وقيل إن نيل مصر معادلا لأنهار الدنيا ومياهها، فحين يبتدئ في الزيادة تنقص كلها لمادته، وحين ينقص تمتلئ كلها
وعن كعب الأحبار أنه قال: من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة، فلينظر إلى مصر إذا أخرفت وأزهرت، وإذا اطردت أنهارها، وتدلت ثمارها، وفاض خيرها، وغنت طيرها.
وأجمع أهل العلم أنه ليس في الدنيا نهر أطول مدى من النيل، يسير مسيرة شهر في بلاد الإسلام –مصر- وشهرين في بلاد النوبة-السودان- وأربعة أشهر في الخراب حيث لا عمارة،-إفريقيا- حيث لم يكن يوجد بها عمران- .وليس في الدنيا نهر يصب من الجنوب إلى الشمال إلا هو وليس نهر يصب في بحر الروم غير نيل مصر. وليس في الدنيا نهر يزيد ويمد في أشد ما يكون من الحر حين تنقص أنهار الدنيا وعيونها غير نيل مصر، وكلما زاد الحر كان أقوى لزيادته، وليس في الدنيا نهر يزيد بترتيب غير نيل مصر.
وليس في الدنيا نهر يزرع عليه ما يزرع على نيل مصر، ولا يجبي من خراج نهر من أنهار الدنيا ما يجبي من خراج النيل.
وعن عبد الله بن عمرو قال: من أراد أن ينظر إلى الفردوس فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها، ويزهر ربيعها، وتكسى بالنوار أشجارها وتغنى أطيارها.
وذكر أنه صورت للرشيد صورة الدنيا فما استحسن منها غير بلد أسيوط، وذلك أن مساحته ثلاثون ألف فدان في دست واحد، لو قطرت قطرة فاضت على جميع جوانبه، ويزرع فيه الكتان والقمح والقرط وسائر أصناف الغلات فلا يكون على وجه الأرض بساط أعجب منه، ويسايره من جانبه الغربي جبل أبيض على صورة الطيلسان، كأنه قرنان، ويحف به من جانبه الشرقي النيل، كأنه جدول فضة، لا يسمع فيه الكلام من شدة أصوات الطير.
وأجمع أهل المعرفة: أن أهل الدنيا مضطرون إلى مصر يسافرون إليها، ويطلبون الرزق بها، وأهلها لا يطلبون الرزق في غيرها، ولا يسافرون إلى بلد سواها، حتى لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا لغني أهلها بما فيها عن سائر بلاد الدنيا.
ويكفي أن في مصر قناة السويس التي تربط قارة أوربا بقارة أفريقيا وآسيا، بدلا من الالتفاف عبر قارة إفريقيا للعبور من مضيق جبل طارق فيعبر من قناة السويس السفن المحملة بالبضائع النافعة والأدوية (والأسلحة النووية لإسرائيل والقطع البحرية الأمريكية وحاملات الطائرات لدك المسلمين في العراق وفلسطين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا غير أن الله وصف بعض الأماكن في مصر بالمدينة، قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: "ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها" وقال تعالى: "وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى"، وقال تعالى أيضا:" وقال نسوة في المدينة" فقد وصف الله بعض الأماكن في مصر بالمدينة، ولا يخفى على عاقل معنى كلمة مدينة مقارنة بوصف الشام بالبدو، قال تعالى على لسان يوصف عليه السلام: "وجاء بكم من البدو" فقد وصف الشام بالبدو ومصر بالمدينة، وفي هذا مالا يخفى على عاقل من تكريم لذكر مصر، بل ذكر الله المدينة بالجمع فكان بها أكثر من مدينة قال تعالى: " {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ }الشعراء5ذ اي5ذ - (فأرسل فرعون) حين أخبر بسيرهم (في المدائن) قيل كان له ألف مدينة واثنا عشر ألف قرية (حاشرين) جامعين الجيش قائلا، وفي كل مدينة منها آثار عجيبة من الأبنية والصخور والرخام والبرابي، وتلك المدن كلها تأتي من السفن تحمل الطعام والمتاع والآلات إلى الفسطاط تحمل السفينة الواحدة ما يحمله خمسمائة بعير
بلد العلم 2) ومصر حتى قبل الإسلام فمن الأسماء اللامعة في نجوم الرياضيات والفلك والطب والفلسفة والمنطق وغيرها من العلوم: الإسكندر ذو القرنين، الذي تلا الله قصته في القرآن الكريم، ومنهم فيثاغورث وسقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وأرشيمدس في الهندسة وجالينوس في الطبيعة. حتى إنها كانت وما زالت تعلم وترسل بعثاتها إلى الخليج العربي لتعليم كافة العلوم والفنون، في الأدب والفقه والشريعة والحديث والقرآن وغيرها من العلوم.
.
وقطن مصر هو أجود أنواع القطن في العالم، ولكن للأسف ليس للمصريين وإنما للخارج، المصريون لهم الضرائب والجبايات فقط، والذي يتمتع بخير مصر هم السياح والمستثمرون الأجانب والمسؤولين فقط، أما شعب مصر فليس له إلا الفتات.
أرسل لي أحد الأصدقاء قميصا من الولايات المتحدة الأمريكية هدية فلما نظرت فيه من الخلف وجدته مصنوعا في مصر 100% قطن، سبحان الله أنشتري أفضل الملابس من أمريكا فندرك أنها مصرية، والمصريون يرتدون البلاستيك والبوليستر؟؟؟
وشعبها صبور يصبر على جلاديه كثيرا، وقد استوقفني في رسالة عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يصف له فيها مصر بقوله:" ثم تنتشر فيه أمة محقورة، قد رزقوا على أرضهم جلداً وقوة، لغيرهم ما سعوا به من كدهم بلا حمد ينالهم من ذلك"
ذ) منزل للوحي والأنبياء والأماكن المقدسة ، فمصر مليئة بالأماكن المقدسة ومهبط لكثير من الأنبياء، ففيها سيناء التي ذكرها الله في القرآن أكثر من مرة، قال تعالى: " {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ }المؤمنون20أي وأنشأنا لكم به شجرة الزيتون التي تخرج حول جبل طور "سيناء", يعصر منها الزيت, فيدَّهن ويؤتدم به.وأقسم بجبل الطور فقال تعالى: "والطور وكتاب مسطور"، وقال أيضا: "وطور سينين" أي وطور سيناء، وواعد الله موسى عليه السلام من جانب الطور الأيمن لإنزال التوراة عليه هناك، قال تعالى: " {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى }طه80، ونادى الله موسى عليه السلام من نفس المكان وقربه إليه، قال تعالى: " {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً }مريم52، وفي هذا تشريف عظيم للطور، بل سمى الله الوادي الذي كلم عليه موسى المقدس (طوى قال تعالى: " {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى }طه12أي إني أنا ربك فاخلع نعليك, إنك الآن بوادي "طوى" الذي باركته, وذلك استعدادًا لمناجاة ربه. وعن عياش بن عباس أن كعب الأحبار سأل رجلا يريد السفر إلى مصر، فقال له: أهد لي تربة من سفح مقطمها، فأتاه منه بجراب، فلما حضرت كعباً الوفاة أمر به ففرش في لحده تحت جنبه، ولما عصى بنوا إسرائيل ربهم رفع فوقهم الطور كأنه ظلة عليهم وظنوا أنه واقع بهم، قال تعالى: "ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم"، وقال تعالى: "وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة"
وفيها نشأ وترعرع سيدنا موسى وهارون ويوشع بن نون، وهو من الأنبياء وربما كان هو اليسع، ويوشع هذا قيل أنه فتى موسى عليه السلام في قصته مع الخضر، الذي ذكره الله في قوله تعالى: "وإذ قال موسى لفتاه" عليه السلام، وزارها إبراهيم، ، وعاش فيها سيدنا يوسف وزارها سيدنا يعقوب عليه السلام وأولاده الاثنا عشر سبطا وقبط مصر مجمعين على أن عيسى وأمه عليهما السلام سكنا مصر، وبعض المفسرين أول قوله تعالى: "وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين" أنها مصر، ومكث بها إسماعيل عليه السلام في طفولته .
وممن دخلها من الصحابة: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر وعمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم
وممن كان بها من الفقهاء والعلماء والليث بن سعد والعز ابن عبد السلام والإمام الشافعي وابن تيمية وابن حجر العسقلاني والإمام الشاطبي وولد بها عمر ابن عبد العزيز وجعفر المتوكل على الله من الخلفاء.
ومن أهل مصر من أثنى الله عليه كالرجل المؤمن الذي يكتم إيمانه قال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، ومنهم السحرة المصريون الذين آمنوا بموسى عليه السلام بمجرد أن رأوا المعجزة، فأثنى الله عليهم وعلى حسن توكلهم على الله لما قال لهم فرعون لأصلبنكم في جذوع النخل، قالوا فاقض ما أنت قاض، وقالوا: "لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون، وروي أنه لم يفتتن واحد منهم بعبادة العجل كما افتتن به بنوا إسرائيل، وكانوا أحسن دينا وإسلاما من بني إسرائيل من اليهود الأصليين، وكان عدد السحرة كما يقول البعض 12 لكل واحد 20 عريفا وتحت كل عريف ألف من السحرة فكان عددهم كبير جدا.
وقال أحمد بن صالح: قال لي سفيان بن عيينة: يا مصري، أين تسكن؟ قلت: أسكن الفسطاط، قال: أتأتي الإسكندرية؟ قلت: نعم، قال لي: تلك كنانة الله يحمل فيها خير سهامه
4) بلد الأمان : "{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً"أي وأوحينا إلى موسى وأخيه هارون أن اتخذا لقومكما بيوتًا في "مصر" تكون مساكن وملاجئ تعتصمون بها, وقال تعالى {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ }يوسف99
بوب الإمام مسلم في صحيحه
بَاب وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ مِصْرَ
عن أبي ذر رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا قَالَ فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا" أما الرحم فهي واضحة في أن أم العرب هي هاجر عليها السلام زوج إبراهيم عليه السلام فهي أم إسماعيل ولهذا قال أبو هريرة عن هاجر: "فتلك أمكم يابني ماء السماء" وقد سماهم بهذا لأنهم يتنقلون حيث يتنقل المطر، وأما الذمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم تسرى من القبط مارية القبطية، وبهذا صار العرب جميعا أصلهم من مصر، لأن أمهم من مصر لأنها أم إسماعيل وهو أبو العرب، ولهذا يقال إن مصر أم الدنيا"
وقال يحيى بن سعيد: جلت البلاد فما رأيت الورع ببلد من البلدان أعرفه إلا بالمدينة وبمصر. وقال خالد بن يزيد: كان كعب الأحبار يقول: لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر؛ فقيل: ولم ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: إني لأحب مصر وأهلها؛ لأنها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه.
إضافة إلى أنها مقبرة الغزاة فما مكث فيها احتلال لمدة طويلة، ويتميز أهلها بقتال المعتدين والمحتلين فما مكث بها الهكسوس، ولا التتار وكانت ترسل المجاهدين لمقاومة الحملات الصليبية ولا الاحتلال الإسرائيلي الغاشم ولا العدوان الثلاثي ولا الحملة الفرنسية ولا الاستعمار البريطاني، وإن شاء الله سينطلق منها الجيش الذي سيحرر فلسطين.
عدل سابقا من قبل yomna في الإثنين أبريل 11, 2011 3:18 pm عدل 1 مرات